( الشعر لسان القلب إذا خاطب القلب، وسفير
النفس إذا ناجت النفس، ولا خير في لسان غير مبين، ولا في سفير غير حكيم.
والشعر بقيةٌ من منطق الإنسان،
اختبأت في زاوية من النفس فما زالت بها الحواس حتى وزنتها على ضربات القلب،
وأخرجتها بعد ذلك ألحاناً من غير إيقاع، ألا تراها ساعة النظم كيف تتفرع كلها، ثم
تتعاون، كأنها تبحث بنور العقل عن شيء غاب عنها في سويداء الفؤاد وظلماته.
وليس بشاعر من إذا أنشدك لم تحسب
أن سمعَهُ مخبوءٌ في فؤادك، وأن عينك تنظر في شغافه، فإذا تغزل أضحكك إن شاء،
وأبكاك إن شاء، وإذا وصفَ لك شيئًا هممت بلمسه، حتى إذا جئته لم تجده شيئًا، وإذا
نَثَلَ كنانته رأيت من يرميه صريعًا لا أثر فيه لقذيفة ولا مُديةٍ، ولكنها كلمة
فتحت عليها عينه، أو ولجَت إلى قلبه من أُذُنِهِ، فاستقرت في نفسه، وكأنما استقر
على جمر.
وجمال القول في براعة الشاعر أن
يكون كلامه من قلبه، فإن الكلمة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب، وإذا خرجت من
اللسان لم تتجاوز الآذان.
الشعر معنىً لما تشعر به النفس،
فهو من خواطر القلب، إذا أفاض عليه الحِس من نوره انعكس على الخيال، فانطبعت فيه
معاني الأشياء، كما تنطَبع الصورُ في المرآة، وهو من بعد كالحُلُمِ يخلقُ في
المخيلَةِ مما يَصِلُ إلى الأعين، ويتأدى إلى الآذان ما لا يكون قد وصل ولا تأدى.
) انتهى (1)
كان الشاعر ( عمر بهاء الأمير )
يعيش في المغرب، وكان يلتقي مع أبنائه في لبنان.
وفي القصيدة يصور الشاعر حاله جميع الآباء الذين لا يلتقون مع أبنائهم إلا
قليلًا.
أترككم تستمتعون بالقصيدة التي
قال عنها عباس محمود العقاد: ( لو كان للأدب العالمي ديوان من جزء واحد لكانت هذه
القصيدة في طليعَتِهِ ).
أين الضجيج العذب والشغبُ؟
أين التدارس شابــه اللعبُ؟
أين التدارس شابــه اللعبُ؟
أين الطفولة في توقدهـــا؟
أين الدمى في الأرض والكتبُ؟
أين الدمى في الأرض والكتبُ؟
أين التبــاكي والتضاحك في
وقت معـاً، والحزن والطربُ؟
وقت معـاً، والحزن والطربُ؟
يتزاحمون على مجالستــي
والقرب مني حيـثما انقلبـوا
والقرب مني حيـثما انقلبـوا
فنشـيدهم: (بابا) إذا فرحـوا
ووعيدهم: (بابا) إذا غضـبوا
ووعيدهم: (بابا) إذا غضـبوا
وهتـافهم: (بابا) إذا ابـتعدوا
ونَجيّهم: (بابا) إذا اقتربــوا
ونَجيّهم: (بابا) إذا اقتربــوا
فـي كـل ركـن منهـمُ أثـر
وبـــكل زاوية لهم صخبُ
وبـــكل زاوية لهم صخبُ
في النافـذات زجاجَها حطموا
في الحائط المدهون قد ثقبـوا
في الحائط المدهون قد ثقبـوا
في الباب قد كسـروا مزالجه
وعليه قد رسموا وقد كتبـوا
وعليه قد رسموا وقد كتبـوا
في الصحن فيه بعض ما أكلوا
في علبة الحلوى التي نهبـوا
في علبة الحلوى التي نهبـوا
في الشطر من تفاحـة قضموا
في فضْلة الماء التي سكـبوا
في فضْلة الماء التي سكـبوا
إني أراهـم حــيثما اتجهتْ
عيني كأسـراب القطا سَربوا
عيني كأسـراب القطا سَربوا
ذهبوا، أجـلْ ذهبوا ومسكنهم
في القلب ما شطوا وما قربوا
في القلب ما شطوا وما قربوا
دمعـي الـذي كتمتـُهُ جَلـَدا
لما تبـاكوا عندمـا ركبـوا
لما تبـاكوا عندمـا ركبـوا
حتـى إذا سـاروا وقد نزعوا
من أضلعي قلبـا بهـم يجبُ
من أضلعي قلبـا بهـم يجبُ
ألفيـتـُني كالطفل عاطفــة
فإذا بـه كــالغيث ينسـكبُ
فإذا بـه كــالغيث ينسـكبُ
قد يَعـجـب العذال من رجل
يبكي، ولو لـم أبـكِ فالعجب
يبكي، ولو لـم أبـكِ فالعجب
هيهـات مـا كـل البكا خوَر
إني وبي عـزمُ الرجـالِ أبُ
إني وبي عـزمُ الرجـالِ أبُ
شاهد "الضجيج العذب لزياد الوهيبي" على YouTube - http://www.youtube.com/watch?v=HkYjdm0-r40&feature=youtube_gdata_player
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مصطفى صادق الرافعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق